احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

مجرد صباح .

الخميس ٢ مايو
صباح الخير ،

قبل أن تبدأ بالقراءة، تذكر أن اليوم هو الغد الذي كنت قلقًا منه بالأمس، هاهو الغد قد أتى، كل شيء على ما يرام، لذلك لا تقلق .


قمت من فراشي متأخرًا، إرتديت القميص وهرعت للأتوبيس، وصلت متأخرًا، كنت محظوظاً لأني حصلت على المقعد الأخير قرب النافذة، بدأت الحافلة تتمايل كلما هوت في حفرة من حفر شارعنا الذي أعيد ترميمه منذ أسبوعين، وكلما هوت في حفرة تطايرت اللعنات والشتائم وأذكار الصباح عبر النوافذ، كان الراكب الوحيد الهادئ هو أنا على أغلب الظن، سرعان ما تدارك السائق الأوضاع، وبادرهم أغنية لفيروز، "بعيونك حنين، وبسكوتك حنين، لو أعرف حبيبي بتفكر بمين؟" بدت هذه الكلمات كافية لإسكاتهم إلى حين نزولهم، وبالفعل نزلوا من الأوتوبيس على غير الحالة التي دخلوا بها .


أن تجلس بين إثنين من أصدقائك وهما في شدة حوارهما الساخن، ومقاطعتهما، وتغيير مجرى الحديث، لأمر غاية في المتعة، أعلم جيدًا أن هذا الأمر يبدو مزعجًا نسبيًا، ولكن للصباح قداسته، للصباح عفويته، تلك العفوية التي أقرب ما تكون كأوراق الشجرة المتناثرة بعدما كانت الشجرة أكثر صلابة وحفاظاً على أوراقها في الليل .
بعد أن أفسدت عليهما الحديث، شرعت في محاولة جادة في إقناعهما في إرتكاب عدة حماقات مسلية هذا الصباح، كإنتحال شخصية المدير والقفز من الدور الخامس -حيث يقع مكتبه- أو التمدد على الشارع الفرعي لمدة ١٣ ثانية، أو.. أو.. أو.. ، في البداية صمتا لبرهة، إستغربا، ونصحني أحدهم وحاجباه نصف نائمان، والنصف الآخر يقاوم النوم من شدة التبلد، نصحني بالذهاب إلى جارنا الدكتور هيثم، أقنعني أنه سيعمل لي خصم ٤٠% على الأغلب، بينما نصحني الآخر بزيارة الفوّال سعيد، أو النوم على أقل الأحوال .

‏​‏​‏​‏​‏​‏​​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​‏​
أدركت حينها أن لا فائدة ترجى منهم، ذهبت لحديقة جدتي العجوز، وشرعت في سقي الزهور، الأقحوان، الياسمين، الأوركيت، لا أعلم لم شعرت بشعور الأبُوة وأنا أسقيها، شعرت أيضًا أنني أسقي الأمل الذي في داخلي مع كل قطرة، لكن، هذا لا يهم بالقدر الذي يهم فيه مدى سعادة جدتي حينها .. الصباح جنة ي رفاق .


- يبدو النص إلى هذا الحد مشبعًا بالتفاؤل والألم والسعادة، لكن ماذا عن الوجه الآخر للصباح على الضفة الأخرى من الحياة ؟


"فاتورة هاتفي إرتفعت ثلاثة أضعاف، وصدقت شركة الكهرباء في وعيدها وقطعت الكهرباء، مجموعة الطوابع البريدية التي كنت مهووسًا بجمعها منذ أعوام إختفت أو بالأحرى ضاعت، عصا البيسبول إنكسرت" يأتي الصباح أحياناً على هيأة صبي مشاكس، يبعثر أوراقك، ويفسد صباحك، يعاندك، ولكن سرعان ما تعود الأمور إلى وضعها الطبيعي والمعتاد .

بقيت في جعبتي عدة ساعات وينتهي الصباح، وللأسف الشديد : لم أنجز أي شيء يذكر، تصفحت الصحيفة الوطنية، لم يكن بها أي شيء يستدعي الإهتمام، فصحيفة الأمس هي صحيفة اليوم، وصحيفة غداً أيضاً ؛ كل مافي الأمر أن التواريخ والصور تتغير فقط .

صندوق بريدي فارغ منذ مدة، لم تعد تصلني الرسائل الصباحية كما السابق، وهذا نذير شؤم يبشر بأن علاقاتي الإجتماعية في إنخفاض شنيع، وهذا مقلق، فالمتعة كل المتعة تكمن خلف تلك الرسائل .

أيضاً في الصباح الباكر كأن مخلوقات الله كلها ب إنتظارنا لكي نتحدث، معزوفة موسيقية تقف على النافذة، طيور النورس على المكتبة، والغزلان يتسابقن على الصف الأول من المقاعد، وزوجان من العصافير يأكلان الببكورن، وكل واحد منهما ينتف ريش الأخر بعفوية مطلقة . حقًا ، فليبارك الرب في صباحاتنا .

فجأة ، ومن دون سابق إنذار، إنقضى وإنتهى صباحي، ركبت الأوتوبيس مرة أخرى، ولا زالت اللعنات والشتائم تتطاير من النوافذ كلما مررنا من شارعنا المهترئ .

- إنتهى .

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق