احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

في جيدها عقد من بلد !

جلست منذ ليلتين جلسة حوار مع جدّتي العجوز ، لا أخفيكم أن العديد من مفاهيم الحياة تغيرت بعدما خرجتُ من حجرتها الصغيرة ، جدّتي صوفية بإمتياز .. إحتفلت مؤخراً بالمولد النبوي ، هذا ليس محور حديثنا ، حديثنا كان عن جلوسي معها ، جدتي أيضاً أمية ، لكنها من خلال تجربتها ونضالها في الحياة فاقت مرحلة التعلم بمراحل !
جدتي علمتني الصبر منذ الصغر ، نحن فقط لا نتذكر هؤلاء العجائز إلا عند المصائب ، ففي المصائب لا يتمنّى المرء إلا أن يرزق إيمان العجائز !


وأنا في خضمّ حواري مع الجدّة ، رن الهاتف .. إلتقطت جدتي السماعّة متلهفة لسماع نبأ جميل ، سرعان ما تبدد حلمها عندما سمعت : "فلان موجود ؟" ،
تقول جدتي أن كلما تقدم سنّ المرء ، قل الإهتمام الذي كان يحظى به من مجتمعه المحيط به ، إلا من أسرته !
جدّتي البالغة من العمر إثنتين وثمانين عاماً صلت قبل أربعة أيام على صديقتها الأخيرة بجامع الحي "قسم النساء" ، لا أخفيكم أنني لم أرها تبتسم منذ ذلك الحين ، "إن هؤلاء العجائز ليحملنّ في صدورهن مالا تحمله الجبال الثقال" !


تقوم جدّتي بفتح نافذة حجرتها المطلة على الأرصفة والشوارع المحيطة بمنزلها ، تشاهد الصبية يلعبون ، تعود بها الذكرى إلى سنين خلت ، أنا أتفهمّ شعور جدتي جيداً .. ولكن من الناحية الأخرى جدتي متفائلة بطريقة عجيبة ، لم تمّل من هذه الحياة بعد ، تحل جميع القضايا والمشاكل من مطبخها الصغير ، فليبارك الربُ في عمرها !


أحياناً أحاول ممازحتها ومشاكستها ، بالحديث عما لا تفهمه ، كالعولمة ، إنفلوزا الطيور ، الإنترنت ، المناظرات العلمية الحديثة .. تقاطعني وتقول ؛ ماذا عن إبن عمك طلال متى سيتزوج ! سيمضي به العمر دون أن يكمل نصف دينه الأخر !
- أضحك حينها بملئ فمي ، جدتي تفهم ما أقصد فتبتسم !
كنت أستغل شرودها وتأملها بحفيدها الأصغر "بدر" ، أتأكد من أنها ليست منشغلة بتلاوة ما تحفظ من سور ، أحرضها على الحديث .. ليس لرغبتي وحرصي على حكم ووصايا الجدات ، بل لأنها تمتلك مشاعر دافئة ، وحساً بريئاً ، لا أخفيكم أنني بين الحينة والأخرى أطلب منها الدعاء بالغفران لي ، فتتعجب !! وتقول : بئس الجدة أنا إن لم أدع لأبنائي وأحفادي بكل سجدة وتشهد ، لا أملك حينها إلا أن أقبل رأسها وأطو سجادتها ، وأخرج وأنا مطمئن !
ليت الحياة طاهرة : كدعاوي الجدات !

الخميس 21 مارس 2013

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق