(1)

"قلمي الضائع ، الصحيفة التي جعل منها سفرة ، شهادة العم سرحان الوهمية ، أخر أخبار الإنتخابات في الكونغو ، الشارع المغلق من سنتين و.. و.. و.. إلخ" ، أمور تشغل حيزاً مهما من تفكيري مؤخراً ، رغم الشعور الوجودي الذي ينتابني بعدها أن جميع هذه الأشياء محض هراء ، هراء ، هراء !

(2)

سامح اللهّ معلم الرياضيات السوداني بتلك المتوسطة التعيسة ، حينما قال لي ؛ "ينعل أدبك" عندما غضب ، كانت أشبه بدفعة معنوية عنيفة ، فليبارك الرب في عمره ، فلا تعلمتُ منه حرفاً ولا رقماً ، لكنه علمني السخرية من هذه الحياة ، كان يردد مقولته الشهيرة والبائسة ؛ "مالجديد ؟ العالم ممل جداً" نصحني مراراً بزيارة دكتور نفسي والإشتراك بجريدة المدينة لأنها جريدة ثورية بحتة ، بالمناسبة ؛ منذ سنين ارتحل من هذه الأرض ورجع إلى مسقط رأسه ، أم درمان !

(3)

شيءٌ ما تغير في حياتي ، الإشارات خضراء دوماً ، وعندما أقترب تُمسخ وتتشح اللون الأحمر ، لم تعد القطط تهرب مني ؟ ، الصرافات ممتلئة حد الشبع ، هذه البلدية أغلقت الشوارع وصارت الأحياء أشبه بلعبة متاهة ، التبلد بات يلازمني أكثر من ملازمة الميكرفون لإمام الحي ، ماذا حدث ي رفاق ؟ أبدأت الحرب العالمية الثالثة وأخفيتم الخبر عني ؟ إعترفوا أرجوكم ! لا ؟ الحمد لله ارتحت !

(4)

"أهلاً بالعالم" جملة سأقولها قريباً ، سأبدأ حياتي من جديد ، سأرمي بالذاكرة وبذكرياتها عرض الحائط المصبوغ مؤخراً ، سأبدأ حياتي كإنسان طبيعي جداً ..
ككاهل ريفي بجنوب "لوقانو" المدينة الريفية السويسرية الهادئة ، سأبتسم لهذه الطبيعة ، وكإمرأة بنواكشوط أنجبت إبنها البكر ، "هذه الدنيا جميلة ي رفاق ، يكفي تعاسة" !

(5)

في هذا الوقت الذي تضيع فيه وقتك الغير ثمين لقراءة هذا الهراء ، يتناول طفل بطوكيو غداءه بعد العودة من مدرسته ، وتدون طفلة نيوزلندية بدفتر ذكرياتها ما حدث لها في هذا اليوم الحافل ، بينما يحضرّ "ناجي العلي" لكاريكاتير جديد فيه كمية لا بأس بها بإستهزاء بالعرب وطموح العرب - أكمل أكمل قراءتك !

(6)

"أرحنا بها ي عزرائيل" جملة قالها متسول قبل 14 ثانية ، قالها بعدما شكك الناس في مشروعية عمله ، وفي مصداقيته ، قالها وهو حانق ، أنا أتفهم شعوره لذلك لن أبكي ، ماذا عنك ؟ هذا لا يهم ، المهم في الموضوع أن هذا المتسول يقول : أن وراء كل فقير غني أخذ ماله ، وأنه يلعن أثرياء العرب في اليوم 695878 مرة !

(7)

هذه الليلة قرأت 140 مقولة للرفيق ؛ فريديك شوبان ، وإثنتين لكافكا ، لا أبالغ بأن مقولتي كافكا تساوت بلاغياً مع مقولات شوبان ، إن كافكا عظيم وبدقة 720 أيضاً !
يقول كافكا ؛ ليست كل الشوارع مسكينة ، الشوارع أكثر الكائنات عنفاً ، جرب أن تبصق في الشارع ، سيأتي يوم وتدهسك سيارة وتموت على نفس الشارع !!
نص كافكا الأخير ؛ بات يقلقني كثيراً فقد بصقت ما يقارب نحو ألفي مرة على شارع قديم ، بجانب منزل معلم الرياضيات ، أشك أن النهاية ستكون مؤسفة للغاية !


- إنتهى .