احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

..

#مشهد 1

كان واثقاً من نفسه حد الوضوح وهو يقرأ في المكتبة العامة ، يبحث عن ذاته بنهم شديد بين الصفحات والهوامش ، كان تائها في أعماق الحروف والكلمات ، نصحته مسؤولة المكتبة أن يستخدم الكتاب الإلكتروني فهو أقل مشقة وأسهل للوصول للمعلومة ، نصحته ونصف حاجبها نائم واللامبالاة توغلت بشفتيها ، لكنه كان نشيطاً ومنفعلاً وقتها وأجابها ولسانه يتدلى من شفتيه :
- لكن المتعة ، كل المتعة في لعق الإصبع مع كل حاشية وصفحة !
إستغربت السيدة من إجابته ، وواصلت تنظيف الكتب التي لم تمّس منذ أن نزلت التقنية الحديثة بالأسواق ! بادرها قائلاً :
- هل لي أن أستعير كتب ماركيز وهربرت وشكسبير كلها ؟ سأعيدها ليلة ال...
قاطعته السيدة بإنفعال وحنق : خذ ما شئت وأعده بأسرع وقت كالعادة ، يبتسم الزبون ، يقلب اللوحة المعلقة خارج المكتبة من "مغلق" إلى "مفتوح" ، يخرج ونشوة الإنتصار مرسومة على شفتيه !

#مشهد 2

يصطحب في اليوم التالي أخاه الصغير إلى الشاطئ الخالي من البشر سوى بعض الأيدي العاملة التي تأخذ بعضاً من الراحة والإستجمام ، يجلس أمام البحر الهادئ ، يتأمل ، يندهش لبرهة ويعود للوجود ، يبدو تائها ، لم ينتبه إلا حينما مزج أخوه الصغير التراب الساخن والآيسكريم المحلي الدافئ ببطنه العارية ، إمتعض لثوانٍ ، ضحك بهستيريا مع الصغير ، دخل البحر ليغسل "كرشته" المتدلية المتسخة .
.. لكن ثمة أمرٌ ما أثار دهشته ، لم يعد سكان المدينة يكثرون من زيارة الشواطئ ، يضع مبررات : ربما التكلنوجيا الحديثة والعالم الجديد غير بعض أولويات البشر ، لم يعد البحر هو ذلك البحر الذي يغسل هموم الشخص بأريحية تامة ، البلدية إستغلت الأمر وبدأت بردم أجزاء من البحر تدريجياً .
شعر ببعض الإنزعاج الذي لا يعلم مصدره ، ورجع للمنزل مع الصغير وطوال الطريق كان يفكر ! لم تغير أسلوب الحياة في المدينة مؤخراً ؟ يفكر ، يفكر ، يفكر ، يفكر ، لكن لم يتوصل لأدني سبب أو مبرر أو حلٍ على أقل الأحوال !!

#مشهد 3

جلسة مع الذات ، مصارحة مع الضمير ، اعترافات وأسئلة جوهرية ، هذا هو الشيء الذي يحتاجه حالاً وفوراً ، في المنزل ضوضاء شديدة ، وفي الخارج أطفال يلعبون ويصرخون ، يعصب رأسه بشدة وبإنزعاج ، يأخذ ورقة وقلماً ويذهب لمنزل جدته العجوز النائمة ، يدخل بخفة ، يقبل رأسها ، يطوي سجادة صلاتها ، وجلس يفكر .. يفكر ، في البداية دار في رأسه فكرة "نمط الحياة التقليدي" الذي يشعر به مؤخراً .. كتب بالورقة التي كانت معه أول ملاحضة :
"نحن ملوثون بأشياء لسنا ملزومين بها بتاتاً ، نحن نقتني العديد من الأجهزة فقط لنساير الركب ، للأسف بعض الأمور بحاجة لإجتثاث سريع من حياتنا قبل أن تتدهور للأسوء" !
في تلك اللحضة بالذات التي إنتهى من كتابة جملته البائسة سقط القلم أرضاً ، قامت الجدة على صوت الإرتطام ، ما أرهف إحساس الجدات ، لم تشأ أن تحرجه وتسأله عن وجوده ، فقط سألته عما يكتب ؟ حاول إخفاء إكتئابه ومشاعره إلا أن الجدة شعرت بإرتباكه ، عادت إلى النوم وأوصته بإغلاق الباب جيداً حال خروجه ، فقط !


#مشهد 4 والأخير

صباح جديد ، قام من السرير بسرعة فائقة فتح النافذة ، رأى على الرصيف المطل على نافذته حواراً بين ساعي البريد وموزّع الجرائد ، تمكن الفضول من تفكيره ، لبس معطفه الرث وخرج بخفهّ ، بعد إلقاء التحية عليهما سألها عن محور النقاش ، أجاب موزع الجرائد :
- لم أعد أربح لا أنا ولا الشركة مثل السابق !!
- لما ؟
- بعد ظهور التقنية الجديدة بات الحصول على الخبر أسرع من الخبز الساخن بعد إدخاله للمحمصة !
* يقاطع ساعي البريد بحنق :
- والرسائل !!
- ماذا ؟
- التقنية اللعينة جعلت من الرسائل اليدوية أمراً بدائياً ومبوذاً حالياً !
- التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، التقنية ، كلكم حانقون على التقنية ، "مسؤولة المكتبة ، الشاطئ حانق أيضاً ، جدتي لم تنم بهدوء بسبب التقنية ، أنتما وأنا حانقون أيضاً على التقنية ! حياتي إنحرفت عن طورها ، ويجب أن أضع حداً لهذا !!

- تقول الأسطورة بأنه وجد صبيحة اليوم التالي منتحراً مع كتب ماركيز وهربرت وشكسبير ، إنتحر بهدوء ، لحظة لحظة ! ألم تعجبك النهاية ؟ إعصر رأسك وإكتب نهاية بنفسك إذاً ، وأرحني من إمتعاضك !


*النهاية*
*يسدل الستار ويصفق الجمهور* !

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق